في واحدة من أكثر اللحظات حساسية في مشهد التوترات الإقليمية، تصدّر اسم الصاروخ الإيراني "فتاح" عناوين الصحف العالمية، بعد أن ادّعت إيران أنه نجح في اختراق منظومات الدفاع الجوي الإسرائيلية. فما حقيقة هذا الصاروخ؟ وما الذي يجعله مثار جدل وفخر في آنٍ معًا؟ وهل نحن أمام تغيير جذري في قواعد الاشتباك؟
ما هو الصاروخ "فتاح"؟
"فتاح" هو صاروخ فرط صوتي (hypersonic) إيراني الصنع، أعلن عنه لأول مرة في يونيو 2023. ويزعم الحرس الثوري الإيراني أنه يمتلك سرعة تتجاوز 13 ماخ (أي أكثر من 15,000 كم/ساعة)، وقادر على المناورة داخل وخارج الغلاف الجوي، مما يجعله منيعًا تقريبًا على أنظمة الدفاع الصاروخي التقليدية.
أبرز مميزاته:
-
السرعة: تفوق سرعة الصوت بأكثر من 13 مرة.
-
المدى: يقدر مداه بأكثر من 1400 كلم.
-
الدقة: يتمتع بدقة عالية بسبب نظام التوجيه الذكي.
-
الاختراق: صمم خصيصًا لاختراق منظومات الدفاع الصاروخي، مثل "القبة الحديدية" الإسرائيلية و"آرو".
ما الذي حصل مؤخراً؟
في تصعيد نادر، وضمن سلسلة من الضربات المتبادلة بين إيران وإسرائيل، أعلنت إيران أنها استخدمت "فتاح" في هجوم استهدف منشآت إسرائيلية حساسة. بينما لم تؤكد تل أبيب استخدام الصاروخ رسميًا، إلا أن بعض التقارير العسكرية الغربية ألمحت إلى "مفاجأة تقنية" قد تكون قد أربكت الدفاعات الجوية الإسرائيلية.
مصدر أمني إسرائيلي – حسب وسائل إعلام عبرية – أشار إلى أن أحد الصواريخ المهاجمة قد "تجاوز قدرة الرصد التقليدي"، مما أدى إلى تساؤلات عما إذا كانت إيران قد اختبرت سلاحها الاستراتيجي في الميدان لأول مرة.
🇮🇷 لماذا تفتخر إيران بالصاروخ "فتاح"؟
الصاروخ ليس مجرد تطور عسكري، بل رمز دعائي واستراتيجي، تستخدمه إيران لإرسال رسائل عدة:
-
ردع إسرائيل وأمريكا: إيران تقول صراحة إن "فتاح" مصمم للرد على أي تهديد إسرائيلي أو أمريكي.
-
التأكيد على التطور المحلي: طهران تؤكد أن الصاروخ صُنع بالكامل بأيادٍ إيرانية، في تحدٍ للعقوبات.
-
تعزيز النفوذ الإقليمي: رسائل ضمنية إلى دول المنطقة بأن إيران تملك ما يوازن القوة الإسرائيلية.
كيف ردت إسرائيل؟
إسرائيل، من جهتها، لم تعترف باستخدام "فتاح" في الهجوم، لكنها زادت من وتيرة التمرينات الدفاعية وطلبت تعزيزات لنظام الدفاع "حيتس 3" (Arrow 3)، المصمم لاعتراض الصواريخ الباليستية من الطبقة العليا للغلاف الجوي.
محللون عسكريون إسرائيليون أشاروا إلى أن امتلاك إيران لصاروخ من هذا النوع يفرض على الجيش الإسرائيلي إعادة النظر في العقيدة الدفاعية والهجومية، خصوصًا إذا تأكدت قدرة "فتاح" على المناورة وتغيير المسار بسرعة.
ما تأثير الصاروخ على توازن القوى في المنطقة؟
-
ردع إيراني متقدم: إن صحّت ادعاءات طهران، فإن "فتاح" يمثل قفزة نوعية تعزز مكانة إيران كقوة صاروخية خطيرة في المنطقة.
-
إرباك في الدفاعات الإسرائيلية: يجعل إسرائيل أمام خيار تطوير درع أقوى أو تكثيف الضربات الاستباقية.
-
أزمة سباق تسلح: يدفع دولًا أخرى، مثل السعودية والإمارات، لمراجعة ميزان القوة وربما تسريع تسليحها.
أسئلة وأجوبة (FAQ)
خاتمة: صاروخ "فتاح".. مجرد دعاية أم تحول استراتيجي؟
في زمن تتصاعد فيه نيران الشرق الأوسط، فإن ظهور صاروخ "فتاح" يعكس رغبة إيران في فرض معادلة جديدة بالقوة والتكنولوجيا. وبينما ترى إسرائيل في هذا التطور تهديدًا جديًا، يبقى السؤال مفتوحًا: هل نحن أمام تغيير حقيقي في موازين القوى، أم أن "فتاح" مجرد ورقة دعائية سرعان ما تتلاشى تحت وقع الردود العسكرية؟
الأسابيع القادمة قد تحمل الجواب، ولكن ما هو مؤكد أن المنطقة قد دخلت مرحلة السلاح الذكي والتصعيد المعقد.