فيينانور الإخبارية - رأي وتحليل من وجهة نظر مقالتنا :
14 يونيو 2025 – لم تعد الحرب بين إيران وإسرائيل مجرد احتمال بعيد أو اشتباك بالوكالة كما عهدنا في السنوات الماضية. فما جرى منذ يومين فقط من تصعيد عسكري مباشر بين الطرفين، هو بمثابة كسر لقواعد الاشتباك التقليدية، وربما بداية لمرحلة جديدة أكثر خطورة في تاريخ الصراع.
ما الذي حدث؟ ملخص للتصعيد الأخير
في الساعات الأولى من صباح الأربعاء (12 يونيو)، أعلنت إيران أن إسرائيل نفذت هجومًا جويًا واسعًا استهدف منشآت عسكرية في محافظة كرمانشاه غرب إيران، بينها ما قيل إنه مركز لتصنيع الطائرات المسيّرة ومخازن للصواريخ. أسفر الهجوم عن مقتل عدد من العسكريين الإيرانيين، بينهم ضابط بارز في الحرس الثوري.
وفي رد غير مسبوق، شنت إيران صباح الخميس (13 يونيو) هجومًا بالطائرات المسيّرة وصواريخ كروز على أهداف داخل إسرائيل، استهدفت قاعدة عسكرية جنوب تل أبيب، إلى جانب منشأة استخباراتية قرب بئر السبع. ورغم أن القبة الحديدية اعترضت الجزء الأكبر من الصواريخ، فإن الهجوم مثّل أول ضربة إيرانية مباشرة داخل الأراضي الإسرائيلية منذ عقود.
تحليل أولي: هل نحن أمام حرب مباشرة؟
هذا التصعيد العلني والخطير يعكس تحولًا في الاستراتيجية من الطرفين:
-
إسرائيل لم تعد تكتفي بضربات سرية في سوريا أو اغتيالات تكتيكية، بل أصبحت تستهدف العمق الإيراني بشكل صريح.
-
إيران، من جانبها، قررت التخلي عن أسلوب "الصبر الاستراتيجي" وردّت مباشرة على الأرض الإسرائيلية، وهو تطور يُنظر إليه كمؤشر على نضوج الجاهزية العسكرية والهجومية لديها.
ما يثير القلق أكثر:
-
انهيار قنوات الوساطة: واشنطن فشلت في احتواء الرد الإيراني، رغم ضغوطها.
-
خطاب الحرب يطغى على الخطاب السياسي: لا حديث في تل أبيب أو طهران الآن عن التهدئة، بل عن الجاهزية والتصعيد.
-
إقحام ساحات جديدة: حزب الله هدّد بفتح الجبهة الشمالية في حال استُهدفت منشآت إيرانية جديدة، فيما نشطت خلايا في الجولان وغزة بالتزامن مع التصعيد.
ردود الفعل الإقليمية والدولية
-
واشنطن دعت إلى "ضبط النفس الشديد"، لكنها لم تُدن الهجوم الإسرائيلي صراحة، ما اعتبرته طهران "ضوءًا أخضر" للاستفزاز.
-
الاتحاد الأوروبي عبّر عن "قلق بالغ" ودعا إلى العودة للمفاوضات النووية كسبيل وحيد للتهدئة.
-
العواصم الخليجية تتابع عن كثب، مع تزايد المخاوف من انزلاق المنطقة إلى حرب شاملة تهدد استقرار أسواق النفط والملاحة في مضيق هرمز.
سؤال المرحلة: من يدير اللعبة الآن؟
حتى هذه اللحظة، يبدو أن الطرفين يسيران على حافة الهاوية دون رغبة حقيقية في الانفجار الكامل، لكن المعادلة تغيّرت:
-
الردع التقليدي فقد فاعليته.
-
التصعيد أصبح علنيًا ومزدوجًا.
-
الجبهات الفرعية (لبنان، غزة، العراق، سوريا) جاهزة للاشتعال بأي لحظة.
المخاطر القادمة: ثلاث سيناريوهات مرعبة
1. الحرب المباشرة
اندلاع نزاع إقليمي يبدأ بين إيران وإسرائيل ويتسع ليشمل حزب الله وغزة، وربما يجر الولايات المتحدة وإيران إلى مواجهة مباشرة.
2. الردع النووي
إذا شعرت إيران بتهديد وجودي حقيقي، قد تعلن انسحابها من معاهدة حظر الأسلحة النووية، وتدفع نحو امتلاك القنبلة كوسيلة توازن.
3. الحرب بالوكالة الموسعة
يعود الصراع إلى الجبهات الثانوية، مع تكثيف الضربات المتبادلة عبر الفصائل المتحالفة، وتجنب الصدام المباشر لتفادي التدخل الدولي.
ما الذي يمكن فعله؟
-
إعادة فتح قنوات الوساطة: عبر سلطنة عمان وقطر كجهات حيادية موثوقة.
-
تجميد الاتفاق النووي الحالي وإعادة التفاوض بشروط جديدة تأخذ بعين الاعتبار المخاوف الأمنية المتبادلة.
-
الضغط على الأطراف المحلية (مثل حزب الله وحماس) لتجنّب إشعال الجبهات، واحتواء الصراع في حجمه الحالي.
الأسئلة الشائعة (FAQ)
خاتمة: الشرق الأوسط على فوهة بركان
ما جرى منذ يومين ليس مجرد حادثة عابرة أو "ضربة تأديبية"، بل بداية مرحلة جديدة من الصراع الإيراني – الإسرائيلي. نحن الآن أمام مشهد غير مسبوق: ضربات مباشرة، دماء عسكرية على الجانبين، وتبادل رسائل نارية دون أقنعة.
إن لم يُكبح هذا التصعيد قريبًا، فربما نكون أمام واحدة من أخطر الحروب في تاريخ المنطقة، بكل ما تعنيه من دمار وتحولات جيوسياسية كبرى.