725621982609bff9a612df8fd628781e

سد النهضة آبي أحمد يدعو مصر للمشاركة في الافتتاح

سد النهضة آبي أحمد يدعو مصر للمشاركة في الافتتاح


آبي أحمد يدعو مصر لحضور افتتاح سد النهضة, بادرة حسن نية أم مناورة دبلوماسية؟

في خطوة فاجأت المتابعين الإقليميين والدوليين، دعا رئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد، جمهورية مصر العربية رسميًا لحضور حفل افتتاح سد النهضة، والذي باتت أعماله الإنشائية تقترب من مرحلتها النهائية. هذه الدعوة تفتح الباب لتساؤلات عميقة حول نوايا أديس أبابا، وتوقيت الدعوة، وتأثيراتها المحتملة على مسار المفاوضات المتعثرة منذ سنوات بين إثيوبيا ومصر والسودان.

ما وراء الدعوة؟ السياق والتوقيت

تأتي هذه الدعوة في وقت تشهد فيه العلاقات المصرية الإثيوبية حالة من التوتر المتصاعد نتيجة استمرار إثيوبيا في تنفيذ مراحل ملء السد بشكل أحادي دون اتفاق ملزم مع الدولتين المتشاطئتين، مصر والسودان. وعلى الرغم من الجولات المتكررة من المفاوضات التي رعتها أطراف دولية، بما فيها الاتحاد الإفريقي، فإن الحل الشامل لا يزال بعيد المنال.




ويعتبر مراقبون أن توقيت هذه الدعوة - مع اقتراب بدء تشغيل التوربينات بشكل كامل - يعكس محاولة إثيوبية لاحتواء الانتقادات الدولية، وكسب تعاطف إقليمي، وإظهار السد كمشروع إنمائي يهدف إلى تعزيز التنمية لا تهديد الأمن المائي.

اقرأ أيضا عن : في خطوة أثارت جدلًا سياسيًا وقانونيًا، صوّتت لجنة الإيرادات في الكنيست الإسرائيلي ظهر الاثنين لصالح إقالة النائب أيمن عودة، رئيس حزب حداش/العربية للتغيير، وذلك بناءً على اقتراح قدّمه النائب أفيخاي بوهارون من حزب الليكود، مدعيًا أن عودة "يدعم الإرهاب".


ردود الفعل المصرية

حتى لحظة كتابة هذا التقرير، لم تُصدر الحكومة المصرية ردًا رسميًا على دعوة آبي أحمد. غير أن مصادر دبلوماسية تشير إلى أن القاهرة تتعامل مع هذه الخطوة بحذر شديد، معتبرة إياها محاولة لتبييض صورة أديس أبابا، لا سيما أن الموقف المصري يتمحور حول ضرورة وجود اتفاق قانوني وملزم يحدد قواعد ملء وتشغيل السد قبل أي خطوات رمزية.

وقد سبق أن أعلنت مصر مرارًا أن المساس بأمنها المائي يمثل "خطًا أحمر"، ولن تقبل بسياسة فرض الأمر الواقع، وهو ما يجعل مسألة المشاركة في حفل الافتتاح مسألة سياسية حساسة وليست بروتوكولية فحسب.

هل تمثل الدعوة تحولًا في موقف إثيوبيا؟

يبدو من الخطاب الإثيوبي أن هناك محاولة لإظهار سد النهضة كرمز للوحدة الإفريقية والتعاون، وليس كأداة للهيمنة أو التحكم في موارد المياه. ومع ذلك، يرى بعض المحللين أن الدعوة تأتي في إطار "تكتيك دبلوماسي" لإضعاف الموقف المصري في المحافل الدولية، خصوصًا بعد أن حققت القاهرة نجاحًا في عرض قضيتها على مجلس الأمن والمجتمع الدولي.

موقف السودان بين الحذر والترقب

أما السودان، الطرف الثالث في الأزمة، فيراقب هذه التطورات بعين القلق. فبينما كان يأمل في أن يؤدي السد إلى تنظيم تدفق المياه وتقليل الفيضانات، إلا أن غياب اتفاق شامل وملزم جعله يشكو من تهديدات فنية محتملة على سدوده ومنشآته المائية.

حتى الآن، لم يرد السودان رسميًا على دعوة آبي أحمد، ولكن أوساطًا سودانية حذرت من أن هذه الخطوات الإثيوبية ما تزال تفتقر إلى الضمانات القانونية.

هل ستقبل مصر الدعوة؟ سيناريوهات محتملة

هناك ثلاثة سيناريوهات متوقعة للتعامل المصري مع الدعوة الإثيوبية:

  1. الرفض الكامل: وهو السيناريو الأقرب حتى الآن، نظراً لثبات الموقف المصري حول ضرورة وجود اتفاق قانوني قبل أي خطوة رمزية.
  2. القبول المشروط: قد تفكر القاهرة في إرسال ممثل دبلوماسي منخفض المستوى دون أن يكون ذلك اعترافًا ضمنيًا بشرعية الخطوات الإثيوبية المنفردة.
  3. القبول كخطوة للمفاوضات: وهو سيناريو ضعيف لكنه وارد، شريطة أن تتعهد إثيوبيا علنًا ببدء مفاوضات جدية.

ماذا بعد الافتتاح؟

مع اقتراب تشغيل السد بالكامل، تدخل المنطقة مرحلة جديدة من الصراع الدبلوماسي والمائي. فبعد سنوات من المفاوضات العقيمة، يجد الجميع أنفسهم أمام واقع مائي جديد، يفرض على مصر والسودان البحث عن خيارات سياسية وقانونية بديلة لحماية أمنهما المائي.

قد يكون التحرك في اتجاه المحاكم الدولية أو الأمم المتحدة أو حتى تعزيز التحالفات الإقليمية، جزءًا من الردود المحتملة في المرحلة المقبلة.

الرأي العام العربي والإفريقي

ما زالت معظم الأصوات الشعبية في الدول العربية تنظر إلى سد النهضة كمصدر قلق، خصوصًا لما يمثله من تهديد مباشر لمستقبل الأمن المائي المصري، في حين تنقسم الآراء داخل القارة الإفريقية بين مؤيدين يرون في السد مشروعًا تنمويًا شرعيًا، ومعارضين يعتبرونه تجاوزًا للقوانين الدولية للمياه.

دعوة آبي أحمد لمصر لحضور افتتاح سد النهضة لا يمكن قراءتها على أنها مجرد بادرة حسن نية، بل هي خطوة سياسية معقدة، تهدف إلى تحسين صورة إثيوبيا أمام العالم، والتأثير على مجريات المفاوضات. ومع ذلك، تبقى الكلمة الأخيرة للمصالح المصرية والسودانية، التي لا تزال ترى أن التوافق القانوني والالتزام السياسي هما وحدهما القادران على إنهاء هذا النزاع الذي طال أمده.


    بحث هذه المدونة الإلكترونية

    اقسام الموقع