725621982609bff9a612df8fd628781e

تصريحات تركيا وأردوغان... بين الخطاب العاطفي والواقع المتغير

author image

تصريحات تركيا وأردوغان... بين الخطاب العاطفي والواقع المتغير


تصريحات تركيا وأردوغان... بين الخطاب العاطفي والواقع المتغير

حين تفقد التصريحات طعمها وتأثيرها في وجه آلة الحرب الإسرائيلية

 هل فقدت تصريحات تركيا معناها الحقيقي؟

في زمن الحروب الساخنة والنزاعات الدامية، تصبح الكلمات إما رصاصًا يخترق الوجدان، أو صدىً فارغًا لا يتجاوز الميكروفون. هذا تمامًا ما يصف تصريحات تركيا المتكررة، وعلى رأسها تصريحات الرئيس رجب طيب أردوغان، التي باتت تتسم بالتكرار، الخطابية، والابتعاد عن الواقع الفعلي للصراع، خاصة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية والعدوان الإسرائيلي المستمر.


 أردوغان... الزعيم الذي يتحدث كثيرًا ولكن!

الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لم يتوقف عن إطلاق التصريحات النارية والمواقف الكلامية تجاه ما تقوم به إسرائيل في غزة والضفة والقدس. لكنه في الوقت ذاته، لم يقطع علاقاته السياسية أو الاقتصادية أو حتى الأمنية مع إسرائيل، مما جعل الكثير من المتابعين يتساءلون:

  • أين تنتهي حدود الشعارات؟

  • وأين تبدأ المواقف الحقيقية المؤثرة؟

تصريحات مثل:

"إسرائيل دولة إرهابية"،
"لن نصمت على ما يحدث"،
"نحن إلى جانب المظلومين"...
باتت تتكرر بلا خطوات عملية تجعلها ذات مصداقية أو وزن فعلي.


لا يفوتك :  في واحدة من أكثر اللحظات حساسية في مشهد التوترات الإقليمية، تصدّر اسم الصاروخ الإيراني "فتاح" عناوين الصحف العالمية


 واقع مزدوج: تركيا بين الخطاب الإسلامي والتطبيع العملي

من اللافت أن تركيا تحتفظ بعلاقات تجارية وسياحية وأمنية نشطة مع إسرائيل، حتى في ذروة العدوان. بل إن أنقرة استضافت مؤخرًا لقاءات دبلوماسية رفيعة بين الجانبين، وعادت سفارات البلدين للعمل بعد قطيعة شكلية.

هذا التناقض بين:

  • خطاب أردوغان العاطفي الإسلامي، و

  • ممارسة الدولة التركية الباردة الواقعية

يجعل التصريحات أقرب إلى الاستهلاك الإعلامي منها إلى مواقف سيادية.


 لماذا أصبحت تصريحات تركيا "بلا طعم ولا نكهة"؟

يعود ذلك إلى عدة أسباب موضوعية:

  1. غياب الفعل السياسي الداعم للكلام: لا حظر اقتصادي، لا طرد سفراء، لا استخدام لأوراق ضغط حقيقية.

  2. تكرار الخطاب نفسه دون تطوّر: الجماهير فقدت الإيمان بالوعود والتصريحات التي لا يتبعها تغيير.

  3. تحولات السياسة التركية نحو البراغماتية: أنقرة لم تعد ترى فلسطين كأولوية سياسية، بل ملفًا عاطفيًا لتجييش الداخل فقط.

  4. أزمات تركيا الداخلية والخارجية: تجعل من الصعب على أردوغان الدخول فعليًا في صراع مع تل أبيب أو الغرب.


 موقف إسرائيل: تجاهل تام لتصريحات أنقرة

إسرائيل، من جهتها، لا تعير هذه التصريحات أي اهتمام يُذكر. لا في الصحف العبرية، ولا على مستوى الموقف الرسمي أو السياسي. لماذا؟

  • لأنها تعلم أن تركيا لن تتجاوز الخطوط الحمراء في العلاقات.

  • لأن تل أبيب ترى في أنقرة شريكًا اقتصاديًا مهمًا لا تهدده التصريحات.

  • ولأنها تدرك أن الشارع التركي نفسه منشغل بأزمات أخرى، مما يجعل تصريحات أردوغان مجرد أداء إعلامي.


 تحليل: لماذا يُطلق أردوغان هذه التصريحات أصلاً؟

يمكن فهم هذه التصريحات في إطارين:

1. الداخل التركي

يحاول أردوغان توجيه رسائل إلى القاعدة الإسلامية المحافظة، وإظهار نفسه كزعيم "نصير للمستضعفين"، وهو خطاب انتخابي فعال داخليًا.

2. توازن خارجي

يريد الظهور أمام العالم الإسلامي كزعيم لا يخضع للإملاءات الغربية، لكنه لا يريد خسارة مصالح بلاده.


 ما المطلوب؟ وهل يمكن أن تتغير تركيا؟

إذا أرادت تركيا أن تستعيد مكانتها في أعين الشعوب العربية والإسلامية، فعليها:

  • اتخاذ خطوات فعلية، مثل خفض التبادل التجاري مع إسرائيل.

  • وقف التعاون الأمني، ولو بشكل رمزي.

  • التحرك سياسيًا عبر المؤسسات الدولية.

  • تجنب تكرار التصريحات التي لا معنى لها ما لم تتبعها أفعال.

 خاتمة: تصريحات بلا طعم... في زمن الأفعال

في النهاية، أصبحت تصريحات تركيا بشأن العدوان الإسرائيلي، وخاصة تصريحات أردوغان، كلمات بلا طعم ولا نكهة، لا تضيف للواقع شيئًا، ولا تؤثر في آلة الحرب الإسرائيلية المتوحشة. بل إنها قد تسيء لصورة أنقرة أكثر مما تخدمها، إن استمرت بلا إجراءات حقيقية.

فيينانور الإخبارية ترى أن زمن التصريحات قد انتهى... وأن الجماهير العربية لم تعد تنتظر من الزعماء كلمات، بل تنتظر أفعالًا تليق بكرامة الشعوب وتضحياتها.


    بحث هذه المدونة الإلكترونية

    اقسام الموقع