![]() |
إسرائيل بين الضغط الداخلي والعزلة الدولية: هل تنجح حكومة نتنياهو في الصمود؟ |
في ظل استمرار الحرب في غزة وتفاقم الأوضاع الإنسانية، تجد حكومة بنيامين نتنياهو نفسها في مواجهة غير مسبوقة. بين ضغط شعبي داخلي متصاعد، وعزلة سياسية تزداد حدّة على الساحة الدولية، تطرح الأسئلة نفسها: إلى متى يمكن لهذه الحكومة أن تصمد؟ وهل ما تواجهه اليوم هو بداية النهاية لحقبة نتنياهو؟
أولًا: الداخل الإسرائيلي… الانقسام العميق
منذ بداية الحرب، يعاني المجتمع الإسرائيلي من حالة توتر داخلية واضحة. ورغم أن الحروب عادة ما توحّد الشعوب خلف قياداتها، فإن الواقع هذه المرة مختلف:
-
أسر الجنود والمحتجزين في غزة يخرجون في مظاهرات متواصلة، مطالبين بإيقاف الحرب والبدء بمفاوضات تبادل فوري.
-
الشارع الإسرائيلي منقسم بين تيار يريد الحسم العسكري، وآخر يخشى أن تنزلق البلاد إلى حرب استنزاف طويلة.
-
أصوات من النخبة السياسية والأمنية بدأت تتحدث بصوت عالٍ عن أخطاء استراتيجية ارتكبتها الحكومة.
ثانيًا: نتنياهو وحكومته في مرمى الاتهامات
يتعرض نتنياهو لانتقادات شديدة من معارضيه، وحتى من بعض حلفائه السابقين، حول طريقة تعامله مع الحرب:
-
التهم بالتقصير الأمني قبل اندلاع التصعيد.
-
ضعف إدارة الجبهة الداخلية وتزايد حالة انعدام الثقة.
-
التركيز على البقاء السياسي أكثر من إنهاء الحرب، بحسب خصومه.
ورغم محاولاته تقديم نفسه كقائد لا غنى عنه في أوقات الأزمات، فإن أرقام استطلاعات الرأي تشير إلى تراجع شعبيته بشكل واضح.
اقرأ أيضا عن : تآكل العلاقات الأسرية في العصر الرقمي
ثالثًا: العلاقات الدولية… التصدع المستمر
خارجياً، تواجه إسرائيل انتقادات حادة من دول العالم، لا سيما من شركائها التقليديين:
-
الاتحاد الأوروبي عبّر في أكثر من مناسبة عن قلقه من "الرد الإسرائيلي غير المتناسب".
-
جنوب إفريقيا وبلدان أخرى رفعت دعاوى في محكمة العدل الدولية ضد إسرائيل بتهم الإبادة.
-
الولايات المتحدة، الحليف الأوثق، أبدت مؤخرًا انزعاجها من استمرار الحرب، مطالبةً بضبط النفس وفتح مسارات للمساعدات الإنسانية.
رغم استمرار الدعم العسكري من واشنطن، فإن الضغط السياسي أصبح أكبر من ذي قبل.
رابعًا: الخسائر الاقتصادية المتزايدة
الحرب المستمرة أثّرت بشكل مباشر على الاقتصاد الإسرائيلي:
-
توقف قطاعات كاملة مثل السياحة والطيران.
-
نزوح آلاف السكان من مناطق الجنوب وتكاليف مالية ضخمة لإعادتهم.
-
تصاعد نسبة البطالة بسبب تجنيد الاحتياطي وتراجع نشاط الشركات.
هذه الخسائر تضغط على الحكومة وتضعها أمام تحدي الحفاظ على الجبهة الداخلية مستقرة.
خامسًا: السيناريوهات الممكنة
في ظل هذا الوضع، تبرز عدة سيناريوهات محتملة:
-
استمرار الحرب دون نتائج حاسمة، ما قد يؤدي إلى مزيد من الاحتقان الداخلي والدولي.
-
تزايد الضغوط الدولية لإنهاء الحرب، ما قد يدفع الحكومة إلى القبول بمفاوضات، وبالتالي التعرّض لاتهامات داخلية بالتراجع.
-
تغير سياسي داخلي عبر انتخابات مبكرة أو استقالات، خصوصًا إذا تصاعدت الاحتجاجات ضد الحكومة.
سادسًا: هل ما يحدث نهاية لحقبة نتنياهو؟
هذا هو السؤال الأصعب، لكن المؤشرات التالية تستحق الملاحظة:
-
نتنياهو محاصر داخليًا وخارجيًا لأول مرة بهذا الشكل.
-
قوى جديدة بدأت تطفو على سطح السياسة الإسرائيلية، وقد تستغل ضعف الحكومة الحالية.
-
المجتمع الإسرائيلي يطالب بتغيير حقيقي، وليس مجرد تبديل في وجوه الوزراء.
لكن في المقابل، لا يمكن إنكار مهارة نتنياهو في المناورة السياسية، وقدرته على قلب الطاولة حتى في أحلك اللحظات.
سابعًا: هل تستثمر المقاومة الفلسطينية هذا الواقع؟
من وجهة نظر فلسطينية، فإن التصدع في الداخل الإسرائيلي يمثل فرصة استراتيجية:
-
إظهار ضعف الردع الإسرائيلي، خاصة في ظل عجزه عن إيقاف الصواريخ رغم القبة الحديدية.
-
كسب تعاطف عالمي، حيث باتت وسائل الإعلام الدولية تغطي المجازر وتوثّق الانتهاكات بشكل غير مسبوق.
-
زيادة العزلة السياسية لإسرائيل، عبر تأليب الرأي العام العالمي عليها.
لكن لا تزال المقاومة مطالبة بالحذر وعدم المبالغة في التقدير، إذ أن إسرائيل تبقى قوة عسكرية ضخمة، وقد تتحرك بعنف أكبر إذا شعرت بتهديد وجودي.