لماذا تهاجم أوروبا نتنياهو الآن تحديدًا؟ | قراءة سياسية في توقيت التصعيد الأوروبي 🇪🇺🇮🇱

لماذا تهاجم أوروبا نتنياهو الآن تحديدًا؟ | قراءة سياسية في توقيت التصعيد الأوروبي 🇪🇺🇮🇱
لماذا تهاجم أوروبا نتنياهو الآن تحديدًا؟ | قراءة سياسية في توقيت التصعيد الأوروبي 🇪🇺🇮🇱

لماذا تهاجم أوروبا نتنياهو الآن تحديدًا؟ | قراءة سياسية في توقيت التصعيد الأوروبي 🇪🇺🇮🇱


تشهد العلاقات بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل في الآونة الأخيرة توترًا غير مسبوق، حيث وجهت عدة دول أوروبية انتقادات لاذعة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وصلت إلى حد التهديد بفرض عقوبات على كيانه السياسي أو حظر استيراد الأسلحة. وتأتي هذه المواقف في ظل تصاعد العمليات العسكرية في قطاع غزة، وزيادة حدة الانتهاكات الإنسانية بحق المدنيين، وخاصة الأطفال والنساء.

لكن السؤال الذي يطرحه كثيرون الآن هو: لماذا تتخذ أوروبا هذا الموقف في هذا التوقيت بالذات؟ وهل هو تحول حقيقي في الموقف الأوروبي من إسرائيل، أم مجرد ضغوط مؤقتة ذات طابع سياسي وأخلاقي؟ لنقرأ هذا المشهد من جوانبه المختلفة.


📌 أولاً: جرائم الحرب في غزة وتزايد الضغط الشعبي

منذ بداية العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في أكتوبر 2023، ارتكبت القوات الإسرائيلية سلسلة من المجازر بحق المدنيين، مما دفع منظمات حقوق الإنسان الأوروبية إلى تصعيد حملاتها. حيث وثّقت منظمات مثل هيومن رايتس ووتش وأمنيستي انتهاكات واضحة ترتقي إلى جرائم حرب.

هذا التصعيد الدموي لم يمر مرور الكرام في الشارع الأوروبي، فقد خرجت مظاهرات حاشدة في مدن مثل لندن، باريس، برلين وأمستردام، تُطالب بوقف الدعم غير المشروط لإسرائيل، وفرض عقوبات على حكومة نتنياهو.


📌 ثانيًا: تحول في المزاج السياسي الأوروبي

عدد من الدول الأوروبية بدأت تُعيد النظر في علاقاتها السياسية والعسكرية مع إسرائيل. على سبيل المثال:

  • إسبانيا وأيرلندا وبلجيكا وجّهت انتقادات حادة، وطالبت بتدخل دولي لوقف الحرب.

  • فرنسا أعربت عن قلقها الشديد من "الردود غير المتناسبة" لإسرائيل.

  • النرويج والسويد أعلنتا إمكانية الاعتراف بدولة فلسطينية، كرد فعل على ممارسات إسرائيل الحالية.

هذا التحول قد لا يكون جذريًا، لكنه يفتح بابًا جديدًا للنقاش حول مستقبل العلاقة مع إسرائيل في ظل حكومات يمينية متطرفة مثل حكومة نتنياهو.


📌 ثالثًا: الضغط من الأحزاب اليسارية ومنظمات المجتمع المدني

في العديد من الدول الأوروبية، أصبحت قضية فلسطين أولوية لدى الأحزاب اليسارية والخضر، التي باتت تُحرج الحكومات وتدفعها لاتخاذ مواقف أكثر صرامة. في ألمانيا مثلًا، رغم التاريخ الحساس مع إسرائيل، بدأ بعض النواب بالتساؤل علنًا عن حدود الدعم الممنوح لتل أبيب.

كما تُمارس منظمات المجتمع المدني، وخصوصًا منظمات دعم حقوق الإنسان، ضغطًا سياسيًا واسعًا عبر وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، حيث تنتشر صور الدمار في غزة بشكل يومي، مما يصعب على القادة الأوروبيين تجاهل المشهد الإنساني المتدهور.


📌 رابعًا: القلق الأوروبي من تصدير الفوضى للمنطقة

أوروبا تخشى من أن استمرار الحرب، وتوسعها إقليميًا، قد يؤدي إلى:

  • موجة هجرة جديدة من الشرق الأوسط نحو أوروبا.

  • تصاعد التيارات الراديكالية كرد فعل على الصمت الدولي.

  • تفكك التحالفات الغربية بسبب اختلاف الرؤى بشأن القضية.

لذلك، بدأ الاتحاد الأوروبي يرى أن تجاهل ممارسات نتنياهو لم يعد خيارًا سياسيًا مقبولًا، بل تهديدًا لأمنه الداخلي والخارجي.


📌 خامسًا: رسائل داخلية وأخرى أمريكية

قد يكون التصعيد الأوروبي ضد نتنياهو أيضًا رسالة غير مباشرة للولايات المتحدة، التي تواصل دعمها لإسرائيل عسكريًا وسياسيًا. أوروبا تريد أن تُظهر استقلاليتها، أو على الأقل تحفظها، عن سياسة واشنطن الشرق أوسطية.

كما أن بعض الحكومات الأوروبية تعاني من ضغوط داخلية، خصوصًا مع اقتراب الانتخابات في دول مثل بريطانيا وهولندا، حيث يُعد ملف السياسة الخارجية حساسًا ومؤثرًا في خيارات الناخبين.


🧭 هل تتجه أوروبا لفرض عقوبات فعلية؟

رغم حدة اللهجة الأوروبية، إلا أن تطبيق عقوبات فعلية ضد إسرائيل لا يزال مستبعدًا في المدى القصير. فالروابط الاقتصادية والعسكرية لا يمكن كسرها بسهولة. ومع ذلك، هناك خطوات تُشير إلى تغير جذري في الموقف الأوروبي، من بينها:

  • فرض قيود على تصدير الأسلحة أو التكنولوجيا ذات الاستخدام العسكري.

  • فرض حظر على دخول منتجات المستوطنات الإسرائيلية.

  • تصويت في البرلمان الأوروبي لتقييد الدعم المالي للكيانات المرتبطة بالاحتلال.


✅ خلاصة: هل هو تحول استراتيجي أم رد فعل لحظي؟

المؤشرات الحالية تُظهر أن الموقف الأوروبي يتغير ببطء ولكن بثبات. لم تعد إسرائيل "خطًا أحمرًا" كما كانت في العقود السابقة. ونتنياهو، برفضه الانصياع لأي ضغوط أو قرارات دولية، دفع القادة الأوروبيين إلى إعادة التفكير في دعمهم غير المشروط له.

لكن يبقى السؤال: هل ستتحول هذه التحركات إلى إجراءات ملموسة؟ أم أنها ستظل مجرد تصريحات تُمتص بها نقمة الشارع الأوروبي؟ وحده الزمن كفيل بالإجابة، ولكن ما هو مؤكد أن صورة إسرائيل قد اهتزت بشدة في عيون الأوروبيين، ونتنياهو أصبح اليوم أحد أكثر السياسيين إثارة للجدل في أوروبا.


تعليقات